
وُلد مارادونا في “فيّوريتو”، حي فقير جنوب بوينس آيرس، حيث شكّل الفقر والقهر أرضية موهبته الاستثنائية. كان الكرة جزءًا من جسده، وهشاشته الإنسانية سرّ سحره. لم ينسَ انتماءه للطبقة الكادحة، فحولّه إلى وقودٍ للانتصار.
نابولي: انتقام الجنوب المهمّش
رفض مارادونا أندية الأثرياء واختار نابولي، المدينة المُحتكرة من شمال إيطاليا الغني. لم يرفع النادي فحسب، بل حمَل كبرياء المدينة على كتفيه، محوّلاً الفريق الضعيف إلى بطلٍ يُرهب الكبار. كان اختياره سياسيًا: “أردت أن أكون في صفّ الفقراء”.
المُتمرّد الذي حوّل الكرة إلى قضية
لم يكن مجرد لاعب، بل فاعلًا سياسيًا صريحًا: دعم كوبا، صافح تشافيز، وقال: “قلبي فلسطيني”. موقفه ضد إنجلترا في 1986 لم يكن رياضيًّا فقط، بل انتقامًا لجرح “حرب الفوكلاند”.
قدوة غير مثاليّة.. وهذه قوّتها!
عرف مارادونا الانزلاق: إدمان، علاقات مضطربة، تصريحات نارية. لكنّ الناس أحبّوه لأنه اعترف بأخطائه وبكى أمامهم. أعاد تعريف “القدوة”: ليست كمالًا، بل شجاعةً حتى في السقوط.
أسطورة تحوّلت إلى ديانة شعبيّة
في نابولي، تُعلّق صوره كالأولياء، وتُنشد أغانيه في الملاعب. تجاوز الكرة ليصير رمزًا عالميًا للمقهورين.
بين العبقرية والعطب
مارادونا لم يكن قديسًا ولا شيطانًا، بل إنسانًا جمع العظمة والضعف. في زمن الأبطال المصنوعين، بقي أسطورة حقيقية: قصيدةٌ لا تنسى من لحمٍ ودمٍ.
“مارادونا يعيد الجزيرة إلى الأرجنتين، وينبّه الإمبراطورية أنها تحيا في أفراح الماضي البعيد “.
— محمود درويش