من حوار إلى مونولوغ: عندما يتفرّج علاء الشابي ويُحلّل نزار الجليدي

تحوّل اللقاء الأخير بين الإعلامي علاء الشابي والمحلل السياسي نزار الجليدي إلى ما يُشبه “مونولوڨ”. ضيف يسيطر على الحوار بفيض من التصريحات، ومُحاوِر صامت، قليل التفاعل، مجردا من كل تقنيات الحوار، مفتقدا للجرأة الكافية على التفاعل أمام الضيف.
الضيف، نزار الجليدي، هو محلل سياسي وشخصية اعلامية بارزة، يشغل حاليا منصب مدير التحرير لموقع “صوت الضفتين”. إلي جانب عمله في الكتابة، يظهر نزار الجليدي كصحفي ومحلل سياسي على شاشات عربية مرموقة.
نزار الجليدي، بثقته المعتادة، دخل الحوار محمّلاً بتصورات سياسية واقتصادية جديدة بأسلوبه المباشر واللاذع في النقد و تحميل المسؤوليات، في المقابل، كان علاء الشابي متفرجا، صامتا، باهتا! دون أن يطرح أسئلة عميقة عمق الضيف المقابل!

هل هذا اعلامنا اليوم!؟ أين مبدا التمحيص والتدقيق ؟؟؟

علاء الشابي، اعلامي عُرِفَ بأسلوبه المباشر والجريء في طرح القضايا الاجتماعية. هذه المرة، نرى الشابي ساكنا، صامتا لا يتدخل إلا قليلا! ليبدو لنا لوهلة أن الصحفي الذي تربع على عرش البرامج الاجتماعية بنجاح و ذكاء، نجده يعجز عن الالتفاف حول الضيف، المحنك، يعجز عجزا كليا في المشاركة في صلب المعركة الفكرية، تائها ،شاردا، لا يعرف “من أين تُؤكل الكتف”.
من المسؤول ؟؟
هيمنة البرامج الاجتماعية و ثقافة “الكرونيكور” منذ سنوات مع التركيز على مواضيع مبتذلة بطرح سطحي، ساهم بشكل علني ومباشر في ضمور قيمة الصحفي في تونس.
أصبح التركيز اليوم على الإثارة دون محتوى و هو أمر مؤسف. ناهيك أن الصحفي أصبح رهين محرك “الترند” أو “البوز” و لافتعال كل هذا، نجد ضيوفا قارين بلا اختصاص فعلي أو خلفية فكرية… فيصبح الرأي الشخصي في زمننا معلومة!
كل هذا وأكثر ساهم في تهميش الصحفي الحقيقي واقصاء الكفاءات.
نزار الجليدي بارع في الطرح، ولكن علاء الشابي خذل الحوار، وتركنا أمام خطاب أحادي، خالٍ من التوازن، وخالٍ من الروح الإعلامية التي كنا ننتظرها.
ماهي الحلول لخلق برامج حوارية لا تقف فقط على براعة الطرح ولكن أيضا ترتكز على “سلطة الصحفى ” خاصة أمام ضيف واثق من نفسه وله زخم معرفي مثل “الجليدي”!؟

ألم يحن الوقت الآن لبعض الاعلاميين للخروج من “منطقة الراحة” zone de confort !

نرجو من المنصات التلفزية والالكترونية وغيرها في قادم الأيام أن تبحث عن تعزيز الخلفية المعرفية عبر الورشات وتبادل الخبرات بين صحفيين محليين ودوليين.. تعزيز برامج التوأمة بين وسائل الاعلام بات أمرا محتما اليوم أمام تعقد المشهد السياسي والجغراسياسي العالمي.
من المهم أيضا أن نعي أن أي صحفي، خاصة صحفي ناجح مثل علاء الشابي الذي بنى نجاحا جماهيريا من خلال البرامج الاجتماعية، وغيره من الصحفيين لم يتجاوزو قط مرحلة نقد، بناء وتطوير الذات! ومن أوهم نفسه بغير هذا، فهو لا محالة يسير نحو الجمود والنمطية الركيكة التي تجعله يفقد الكاريزما المهنية.

ش. العباسي

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى