المرأة اليوم: من الكرامة إلى الندية!

منذ صدور مجلة الأحوال الشخصية في 13 أوت 1956، يحتفل التونسيون بعيد المرأة. جملة من المكتسبات التي صنعت فارقًا كبيرًا في علاقة المرأة بنفسها، ثم بالمجتمع ككل: إقرار الطلاق القضائي، ومنع تعدد الزوجات على الورق، وقوانين تبدو ظاهريًا منصفة لها. لكن وراء هذه الإنجازات والاستحقاقات، هناك واقع أقل ما يمكن أن يقال عنه إنه مليء بالتحديات والمصاعب.
آلاف النساء اليوم يتكبدن أعباء اجتماعية كبرى تثقل كاهلهن، خاصة في ظل التمييز في سوق العمل. والمرأة اليوم تواجه شبح العنف الأسري المسلَّط ضدها، لفظيًا كان أو ماديًا، لتتأكد حقيقة تَأرْجُح واقع المرأة بين العقلية الذكورية المسيطرة وضعف تطبيق القانون.
هذا إلى جانب التنشئة الاجتماعية غير السوية التي تُقَيَّد فيها الفتاة، ليتمتع الولد بحرية أكبر.
من هو العدو الحقيقي للمرأة اليوم؟
لا يمكن أن نصنّف الرجل كعدو حقيقي لتقدم المرأة، فالعديد من الرجال كانوا حلفاء حقيقيين لها. لنجد آلاف النساء في معركة فكرية وعقلية ضد بعضهن! وعليه، فإن عدو المرأة هو السلوك الفكري غير السليم. فالغيرة مثلًا بين النساء كفيلة بأن تتحول إلى طاقة هدم قوية، كالإشاعات والتشويه وغيرها، مما قد يعيق نجاح بعض النساء، لكنها في النهاية تحرق صاحبتها وتظهر إفلاسها الداخلي.
المرأة وميزان الحقوق في المجتمع الإسلامي
لقد كرم الإسلام المرأة وحفظ كرامتها وحقوقها، دون الزج بها في معركة الندية مع الرجل التي يمكن أن تكلفها ما لا طاقة لها به. الإسلام أعفى المرأة من أعباء النفقة، مع تمكينها من حق التملك والعمل إن أرادت، وجعل مسؤولية الكسب والإنفاق على الرجل. فالسعي اليوم إلى تحقيق ما يسمى بشعار “الندية” مع الرجل قد يكلفها حياة مضنية لا تتوافق مع طبيعة المرأة وحقوقها الأصلية.
المعادلة ليست في أن تصبح نسخة من الرجل، بل أن تتمتع بحقوقها الأصيلة التي تضمن لها احترام كرامتها وصيانة أنوثتها، مع الحفاظ على دورها داخل الأسرة والمجتمع، وأن تكون فاعلة ومساهمة دون إجبار.
اليوم، معركة المرأة الحقيقية تبدأ بالوعي بما جاء به الإسلام من معاني الرحمة والكرامة والتكريم. لذا، وجب على أفراد المجتمع المدني بمؤسساته وهياكله أن يثبتوا كل هذه المكتسبات التي رسخها الإسلام، وأن يبتعدوا عن الزج بها في معارك وهمية باسم الندية الزائفة التي تتعارض في حقيقتها مع كرامة ومكانة المرأة.
ش.. العباسي