نقص الأدوية في تونس: بين سوء الفهم وحلول الاستمرارية

تعود أزمة نقص الأدوية في تونس إلى الواجهة من جديد بعد فقدان عدد من الأدوية من السوق، وهو ما أثار اهتمام المواطنين وأكّدته وزارة الصحة التي أعلنت عن إجراءات للحدّ من الأزمة وضمان توافر الأدوية.
وزارة الصحة: نقص “ظرفي” وسياسة ترشيد
أكّد وزير الصحة مصطفى الفرجاني أنّ النقص الحالي ظرفي، مشيرًا إلى إطلاق خطة وطنية شاملة تشمل:
-
تركيز منصة إنذار مبكر داخل الصيدلية المركزية للتبليغ عن أي خطر نفاد الأدوية.
-
إلزام المصنّعين بالإعلان عن مخزونهم لتجنب النفاد المفاجئ.
-
حملة وطنية للتوعية بأهمية اللجوء إلى الأدوية الجنيسة وترشيد الوصفات الطبية.
وزارة الصحة شدّدت على أنّ ترشيد استهلاك الأدوية لا يعني حرمان المرضى من العلاج، بل حسن استخدام الدواء بالكمية والمدة اللازمة لضمان استمرارية التزويد.
الأسباب الاقتصادية والهيكلية
يكمن أصل المشكل في الديون المتراكمة للصندوق الوطني للتأمين على المرض والمستشفيات العمومية تجاه الصيدلية المركزية، والتي بلغت أكثر من 1.1 مليار دينار (2024). هذا الوضع المالي يحدّ من قدرة الصيدلية على تسديد مستحقات المخابر الأجنبية، ما يترك أولوية للأدوية الحياتية.
التهريب والشراء من الخارج
حذّرت نقابة الصيدليات من اللجوء إلى اقتناء الأدوية من الخارج، لما يشكّله من خطر على سلامة المرضى وفتح الباب أمام شبكات تهريب. منذ بداية 2025، تم حجز أكثر من 10 آلاف قطعة دواء مهربة ومستوردة بشكل غير قانوني.
الصناعة الدوائية المحلية
تغطي الصناعة الدوائية التونسية نحو:
-
63% من حاجيات السوق الداخلية، و23% من حاجيات المستشفيات.
-
بلغت قيمة الصادرات الدوائية 113.94 مليون دولار (2023)، منها 41 مليون دولار للسوق الفرنسية.
كما أن كلفة شراء الأدوية في الصيدلية المركزية ارتفعت بين 2021 و2024 لتصل إلى 300 مليون دينار، ما دفع إلى وضع سياسات ترشيد للشراء، خصوصًا للأنواع المستوردة التي يوجد لها مثيل محلي.
التجارب الدولية في ترشيد الاستهلاك
في عدة دول، مثل الصين والهند وجنوب شرق آسيا، يتم بيع الأدوية بعدد محدد من الحبوب لتقليل الهدر ومنح المريض الجرعة اللازمة، بينما تلتزم دول مثل الولايات المتحدة وأوروبا بالبيع بالعبوات الأصلية لضمان سلامة وفعالية الدواء.