بوبكر العيادي يزرع بذرة الحكاية التونسية في كيبيك

إصدار جديد من دار أورورا
صدر حديثًا عن دار أورورا (Éditions Aurora) في كيبيك، الإصدار الثامن لهذا العام للكاتب التونسي بوبكر العيادي بعنوان «Le grain de blé et autres contes de Tunisie». هذا العمل الجديد يجمع خرافات وقصصًا تونسية موجّهة للفتيان باللغة الفرنسية، ويقدّمها في ثوبٍ فنيٍّ أنيقٍ يعكس روح التراث الشعبي وجماليات السرد الحكائي. وقد تقدّم الكاتب بشكره للأستاذة مريم الفقيه التي أشرفت على تصميم هذا الإصدار بحرفية عالية.
ذاكرة الأسلاف وحكمة الحكاية
يجمع هذا الكتاب بين دفّتيه قصصًا من الذاكرة الشعبية التونسية، نُسجت بخيوطٍ من البراءة والمكر والأمل. ورغم بساطتها الظاهرة، فإنها تهمس بحِكمٍ إنسانية خالدة، وتُضيء الوجه السرّي للإنسان في صراعه الأزلي بين الخير والشر، الحيلة والإيمان، الأمل والخذلان. إنها حكايات تُعيد للقارئ سحر الكلمة المنطوقة وموسيقى القصّ التي تشفي وتعلّم وتبهج.
حبة قمح تولد عالمًا من المعاني
يفتتح العيادي مجموعته بحكاية رمزية عن شابٍ متكاسل يجد حبة قمح في الطريق، فيقرّر أن يرى إلى أين يمكن أن توصله تلك البذرة الصغيرة. ومن قرية إلى أخرى، يبادلها بخيراتٍ تتزايد: حفنة دقيق، فرغيف، فمَاعز، فجمل، حتى يعود إلى بيته غنيًا فرِحًا، وهو يردّد أن كل شيء يمكن أن يولد من حبة واحدة، لمن يزرع الذكاء والمثابرة.
بهذه القصة الاستهلالية، يضع العيادي القارئ أمام رمزٍ شامل للعمل والدهاء والإبداع، كأنما يدعو الجيل الجديد إلى اكتشاف قيمة الجهد والخيال.
حكايات تونسية بلسان فرنسي
يقدّم بوبكر العيادي هذه القصص بالفرنسية دون أن يفقدها نَفَسها التونسي الأصيل. فهي تحافظ على إيقاع الحكاية الشفوية ومغزاها الأخلاقي، في لغةٍ سلسةٍ تجمع بين السحر والبساطة. وبين كل سطر، ينبض التراث التونسي بروحه المتوسطية والإنسانية، ليصل إلى قارئٍ عالميٍّ في حلةٍ جديدة.
إحياء فن الحكاية… بوعي العصر
من خلال «Le grain de blé et autres contes de Tunisie»، يؤكد العيادي أن الحكاية الشعبية ليست ماضٍ يُروى، بل فنٌّ متجدّد يحمل بذور الحكمة والتجدد. بهذا الإصدار، يواصل الكاتب إثراء الأدب الفرانكفوني بعملٍ يجمع بين التراث والحداثة، وبين الحلم والحكمة، في دعوةٍ مفتوحة إلى إعادة اكتشاف الذاكرة التونسية كفضاء للدهشة والإلهام.