غرس حبّ القراءة في قلب الطفل العربي: حوار مع ممثلة دار أصالة للنشر الأستاذة نينا فارس

أجرى الحوار: طارق العمراوي
كتب «دار أصالة» موجَّهة إلى الطّفل العربيّ في مختلف البلدان، وهي تستمد موضوعاتها من البيئة العربيّة وتراثها الثّقافيّ.تتعاون الدّار مع نخبةٍ من المؤلِّفين والرسّامين العرب لضمان جودة النّصوص والرّسوم.
1ـ مع مَن نتحدّث؟ وما هي خطّتكم الّتي تديرونها صلب الدّار؟
أنا نينا فارس
ـــ مُجازة في الأدب العربيّ من الجامعة اللّبنانيّة / قسم الآداب والعلوم الإنسانيّة.
ـــ حاليًّا، أنا مسؤولة قسم الشّؤون التّربويّة في «دار أصالة». أُشرفُ على صَوْغ النّصوص وعمليّة النّشر، أتعاملُ بشكلٍ مباشرٍ مع المؤلِّفين ومنسّقي اللّغة العربيّة في المدارس الخاصّة، ومع القيّمين في وزارات الثّقافة والتّربية والتّعليم العربيّة.
دار أصالة – دار نشر رائدة في كتب الأطفال باللّغة العربيّة
تأسّست «دار أصالة» عام 1999، وهي دار نشر متخصّصة في أدب الأطفال باللّغة العربيّة. أصدرت حتّى اليوم أكثر من 2500 عنوان، لتصبح واحدةً من أبرز دور النّشر المتخصّصة في العالم العربيّ، نظرًا لالتزامها بالجودة العالية في السّرد القصصيّ والمحتوى التّربويّ.
شاركت «دار أصالة» في مشاريع عربيّةٍ ودوليّةٍ عدّةٍ تهدف إلى تنمية القراءة، أبرزها:
- تنظيم ورشات عمل للمعلّمين والأهالي حول كيفيّة استخدام الكتاب في التّربية وتشجيع الأطفال على المطالعة.
- توقيع كتب وجولات تعريفيّة للمؤلّفين والرسّامين.
- مشاركة فعّالة في المعارض والمؤتمرات الدّوليّة لمتابعة أحدث تطوّرات السّوق ومناقشة قضايا أدب الطّفل.
كتب «دار أصالة» موجَّهة إلى الطّفل العربيّ في مختلف البلدان، وهي تستمد موضوعاتها من البيئة العربيّة وتراثها الثّقافيّ.تتعاون الدّار مع نخبةٍ من المؤلِّفين والرسّامين العرب لضمان جودة النّصوص والرّسوم.
يُشرِف على عمليّة النّشر فريقٌ تربويٌّ متخصّصٌ يهتمّ بالمراحل كافّةً: من صياغة النّصوص، إلى الإخراج النّهائيّ. كما تقوم الدّار بإجراء أبحاث مستمرّةٍ في مجال أدب الأطفال على المستويات المحلّيّة والإقليميّة والعالميّة، ما يُسهِم في تطوُّر محتواها وانتشاره عالميًّا.
ولقد نالت «دار أصالة» الكثير من الجوائز العربيّة والعالميّة، وأبرزها:
ـ جائزة التّميّز كأفضل دار نشر دوليّة لأدب الأطفال ـ معرض الدوحة الدّوليّ للكتاب 2025
ـ جائزة التّميّز بالنّشر للأطفال ـ معرض الرياض الدّوليّ للكتاب 2022
ـ جائزة الملتقى العربيّ لأدب الأطفال / لأكثر من مرّة
ـ جائزة خليفة التّربويّة (مجال التّأليف التّربويّ)
ـ جائزة عبد الحميد شومان
ـ جائزة ـ الهيئة العالميّة لكتب الأولاد
ـ جائزة أفضل إخراج ـ معرض بيروت الدّوليّ / لأكثر من مرّة
وغيرها الكثير من الجوائز ولوائح الشّرف…
2ـ ما هي أهمّ الأهداف الّتي انبنت عليها استراتيجيّة الدّار؟
تركّز استراتيجيّتنا كدار أصالة على تقديم محتوى أدبيٍّ وفنّيٍّ عالي الجودة، يلائم مراحل نموّ الطّفل ويُغذّي خياله ومعرفته، ويواكب حاجاتِه التّربويّة والتّعليميّة في مختلف المراحل المدرسيّة.
لهذا، نسعى دومًا إلى بناء علاقةٍ إيجابيّةٍ بين الطّفل والقراءة، وتحفيزه على القراءة باللّغة العربيّة وتحبيبه بها. ونسعى أيضًا إلى دعم الكُتّاب والرّسّامين المتخصّصين في أدب الأطفال، مع الحفاظ على الهُويّة الثّقافيّة والانفتاح على القيم الإنسانيّة العالميّة.
3ـ ما هي الوسائل اللّوجيستيّة والفنّيّة والإبداعيّة لمقاومة زحف الكتاب الإلكترونيّ والمصوّر والمقروء؟
لا يمكننا أن نغضّ النّظر عن التّطوّر التّكنولوجيّ المحيط بنا جميعًا، وبالتّالي بأطفالنا، إذ أصبح ذلك من أولويّات حياتنا وواقعنا. ولكن، على الرّغم من ذلك لا يمكن أن يُلغي دور الكتاب الورقيّ وأهمّيّته.
ولذا، دومًا نركّز على أن تطرحَ إصداراتنا موضوعاتٍ عديدةً تهمّ الطّفل وتُحاكي الواقع الّذي يعيشه في ظلّ التّطوّر.
ونواجه هذا التّحدّي بتعزيز جودة الكتاب الورقيّ من حيث الإخراج الفنّيّ، والرّسوم الجاذبة والتّصميم التّفاعليّ الّذي يلامس حواسّ الطّفل.
فبهذا، نكون قد شجّعنا الطّفل على الاقتراب أكثر من الكتاب وجذبه لاختياره وعدم الاستغناء عنه بدلًا من التّوجّه بشكلٍ كلّيٍّ إلى الإنترنت والهواتف الذّكيّة.
4ـ أهمّ الشّروط لقبول نصّ للنّشر؟
يُعَدّ أدب الأطفال عاملًا جوهريًّا في بناء مستقبل أطفالنا الّذين ينجذبون لِما فيها من أفكار وخيال وأحداث، وإلى ما تحتويه من سردٍ جميل وحوارٍ ممتعٍ.
ونحن «دار أصالة» كدار متخصّصة في أدب الأطفال نقوم بالعمل على مجموعةٍ من المعايير الّتي نراعيها في اختيار القصص وأهمّها الفكرة الجيّدة والمناسِبة للبيئة العربيّة. من حيث المضمون:
ـ أن تشتمل القصّة على عناصرَ مهمّةٍ من تسلسل الأحداث وتماسك الأجزاء.
ـ أن تكون سهلةَ الأسلوب ذات معنى واضح، كي تحقّقَ المتعة والتّسلية في المطالعة بعيدًا من الملل.
ـ أن تشدّ انتباه الطّفل.
ـ أن تكون القصّة مناسِبةً للطّفل، تبعًا للمرحلة العمريّة ومدى نموّ قدراته الذّهنيّة وذوقه، حتّى يتمكّن من إدراك ما تحويه من أفكار وأساليب.
ـ أن تكونَ الرّسوم والصُّوَر متطوّرةً وجاذبةً للقارئ الصّغير.
ـ والأكثر أهمّيّةً من ذلك، هو أن يكونَ من أبرز أهداف الكتاب أوِ القصّة التّسلية والمتعة، لا أن تكون كواجبٍ أو فرضٍ مدرسيٍّ؛ ما يشجّع الطّفل على حبّ المطالعة.
هكذا، تحقِّق القصّة الهدف منها، وهو مساعدة الطّفل على أن يسيطر على عالمه الدّاخليّ والحياتيّ.
5ـ في داركم تقدّمون النّصّ على الأسماء المشهورة أو العكس، لأنّ العديد من الأسماء المعروفة الآن تقدّم نصوصًا دون المستوى المعرفيّ والحسّ الحركيّ للطّفل؟
من خلال تعاوننا مع المبدعين إن كانوا مؤلِّفين أو رسّامين تخلق علاقةٌ قريبةٌ وحميمةٌ في ما بيننا. إذ يصبح المؤلّف أوِ الرسّام فردًا من الدّار، ويكون اهتمامنا جميعًا ـ كشركاء في العمل ـ بنجاحه ظاهرًا ومهمًّا.
في دارنا دومًا نقدّم جودة النّصّ على شهرة الاسم، إن كان مؤلِّفًا أو رسّامًا، فاهتمامنا الأوّل هو المحتوى المناسب للطّفل معرفيًّا ونفسيًّا وجماليًّا. إذ نؤمن أنّه يجب أن يحملَ النّصّ قيمةً حقيقيّةً تُسهِم في نموّ الطّفل وتنمية خياله وحواسّه.
6ـ هل نشرتم قصصًا لكُتّاب صغار على غرار العديد من دور النّشر؟
بالفعل، لقد قمنا بالتّعاون مع كُتّابٍ صغارٍ من الوطن العربيّ، ومن أبرز هذه الأعمال:
ـ (آدم والهاتف الذّكيّ) حيث قام طلّاب من مدرسة رأس بيروت الدّوليّة في لبنان بتأليفها، تحت إشرافنا كفريق عمل متخصّص.
ـ وأيضًا قصّة (لصّ في المدرسة) من تأليف تلامذة اللّيسّيه الفرنسيّة اللّبنانيّة، تحت إشرافنا كفريق عمل متخصّص.
ـ وأيضًا تعاونّا في نشر قصّتين من تأليف تلامذة صفوف السّادس في مدرسة سيّدة الجمهور في لبنان، وهما: (وسام والإنستغرام) و(وسام وماريّا واليوتيوب)، تحت إشرافنا كفريق عمل متخصّص.
ـ ولقد كان لنا تعاونٌ مع مجموعةٍ من اليافعين من مختلف البلاد العربيّة في نشر قصصٍ قصيرةٍ لهم، تحت عنوان (القصّة القصيرة بأقلامهم) بالتّعاون مع مؤسّسة الفكر العربيّ و«عربي 21».
7ـ الصّورة والرّسومات عتبة مهمّة في القراءة والنّقد، كيف تختارون الفنّانين التّشكيليّين؟ وكيف توفّقون بين احتياجات الكاتب لرسمةٍ معيّنةٍ وبين الفنّان الّذي يرى ما لا يراه الكاتب؟
نحرص دومًا على اختيار فنّانين تشكيليّين يفهمون عالم الطّفل ويملكون أسلوبًا بصريًّا إبداعيًّا يتناغم مع روح النّصّ وسياقه. وبما أنّ العمل مشتركٌ في ما بيننا كدار نشر وبين المؤلّف والرّسّام، نُتيح للمؤلّف فرصةً التّعبير عن تطلّعاته واقتراحاته، وننقلها إلى الرّسّام ضمن حوارٍ مفتوحٍ وطبعًا، ضمن احترام مِساحة الرّسّام وإبداعه.
لذلك، فإنّ هذا يحقّق توازنًا خلّاقًا يخدم القارئ الصّغير.
ـ كلمة ختاميّة
ختامًا لِما ورد من أسئلة وأجوبة، هذا كلّه يُظهِر أنّ القراءة تفيد الطّفل في حياته، فهي توسّع دائرة خبراته، تفتح أمامه أبواب الثّقافة، تحقّق له التّسلية والمتعة، تكسبه حسًّا لغويًّا أفضل وتعطيه القدرة على حلّ المشاكل الّتي يواجهه.
أخيرًا وليس آخرًا، نبقى مؤتمَنين على الحفاظ على رسالتنا السّامية تُجاه أطفالنا ما يحتِّم علينا أن نقدّمَ إليهم ما هو أفضل لهم من قصص ووسائل تعليميّة وسلاسل مطالعة.
وسنسعى دومًا في عملنا إلى غرس حبّ القراءة في نفس الطّفل، وتربيته على ذلك،وتشجيعه على المطالعة وتحفيزه على اختيار الكتب لِما فيها من فائدة من ناحية السّلوك، التّربية النّفسيّة، إغناء المخزون اللّغويّ، القدرة على التّعبير، تنمية قدراته الذّهنيّة والإدراكيّة والحسّيّة وبناء نفسه وشخصيّته…