اقتصاد

أنيس بن سعيد: تونس تسدد ديونها الخارجية وتؤكد التزامها المالي: آفاق جديدة للاقتصاد الوطني

في خطوة إيجابية تعكس استقرارها المالي، تمكنت تونس من تسديد كامل تعهداتها الخارجية لسنة 2025 بالعملة الصعبة، وهو ما اعتبره المستشار الجبائي أنيس بن سعيد مؤشرًا مهمًا على قدرة البلاد على الوفاء بالتزاماتها المالية رغم الصعوبات الاقتصادية.

 تونس تفي بديونها الخارجية وتكسب ثقة المؤسسات الدولية

أكد أنيس بن سعيد أن تونس أوفت بتعهداتها الخارجية في موعدها، حيث بلغ حجم السداد 6.5 مليار دينار، وهو رقم مهم يعكس صلابة الاقتصاد الوطني وقدرته على مواجهة الضغوط المالية.
وأشار إلى أن هذا الأداء الإيجابي من شأنه أن يساهم في تحسين تصنيف تونس السيادي لدى وكالات التصنيف الدولية، مما يفتح المجال أمام تحسين مناخ الاستثمار وجلب التمويلات الخارجية بشروط أفضل.

وقال بن سعيد إن هذا التطور لم يأتِ صدفة، بل هو نتيجة لمجهود جماعي بين مختلف الهياكل الحكومية والإدارية، خاصة في ظل وجود إرادة واضحة للإصلاح وتبسيط الإجراءات الإدارية، سواء داخل البلاد أو لفائدة التونسيين المقيمين بالخارج.


 تحويلات التونسيين بالخارج: شريان حياة للاقتصاد الوطني

من بين النقاط التي شدّد عليها بن سعيد، الدور المحوري للجالية التونسية بالخارج في دعم الاقتصاد، من خلال تحويلاتهم المالية التي بلغت 6.5 مليار دينار إلى حدود سبتمبر 2025، أي بزيادة قدرها 10% مقارنة بالسنة الماضية.
وهي قيمة تفوق حتى مداخيل القطاع السياحي التي بلغت 6.2 مليار دينار، ما يجعل من الجالية التونسية الرافد الأول للعملة الصعبة في البلاد.

وأضاف بن سعيد أن هذه التحويلات ليست مجرد دعم ظرفي، بل هي تعبير صادق عن انتماء عميق للوطن، رغم المسافات والغربة، داعيًا الدولة إلى تثمين هذا الدور عبر تسهيل الإجراءات الإدارية والمالية حتى لا يواجه المواطن بالخارج عراقيل تعرقل مساهمته.


 دعوة لإصلاح النظام البنكي والحد من العمولات

تطرّق المستشار الجبائي إلى إشكالية العمولات البنكية المرتفعة التي تُفرض على التحويلات من الخارج، معتبرًا أنها تقلّص من قيمة المبالغ المحوّلة وتشجع بعض التونسيين على اللجوء إلى طرق غير رسمية لتحويل أموالهم، وهو ما يضرّ بالاقتصاد الوطني ويقلل من تدفق العملة الصعبة عبر القنوات القانونية.

ودعا في هذا الإطار البنك المركزي التونسي إلى التدخل لضبط هذه العمولات ومراقبة ممارسات البنوك التجارية، مؤكدًا أن القطاع البنكي يجب أن يكون محفزًا لا عائقًا أمام التحويلات.


 الرقمنة وتبسيط الإجراءات… أولوية عاجلة

أشار بن سعيد إلى أن الرقمنة تمثل اليوم الحل الأمثل لتسهيل المعاملات وتجاوز البيروقراطية التي تُتعب المواطن داخل تونس وخارجها.
وضرب مثالًا بضرورة رقمنة التصاريح الديوانية المتعلقة بالمبالغ المالية التي يجلبها التونسيون عند عودتهم، مما يضمن الشفافية ويُجنّب التأخير والإجراءات المعقدة.

كما دعا إلى تبسيط الإجراءات العقارية للمقيمين بالخارج الراغبين في اقتناء عقارات بالعملة الصعبة، مؤكدًا أن المعاملات الورقية والروتين الإداري يستهلكان وقتهم المحدود أثناء العطل ويجعلانهم يتراجعون عن الاستثمار.


 نحو نظام جبائي محفّز للتونسيين بالخارج

وفي سياق الإصلاحات المقترحة، دعا بن سعيد إلى أن يتضمّن قانون المالية لسنة 2026 إجراءات جبائية تفضيلية للتونسيين المقيمين بالخارج، تشجعهم على التصريح بمداخيلهم وتحويلها إلى تونس دون خوف من التعقيدات أو الازدواج الجبائي.

وقال إن من الضروري أن يشعر هؤلاء المواطنون بأن الدولة تقدّر مساهمتهم وتمنحهم امتيازات حقيقية في التعاملات البنكية والعقارية والضريبية، خاصة أن الكثير منهم يفكر في بعث مشاريع في تونس أو دعم عائلاتهم، لكن التعقيدات الحالية تثنيهم عن ذلك.


 الجالية التونسية… طاقة وطنية لا تُقدّر بثمن

اختتم أنيس بن سعيد حديثه بالتأكيد على أن التونسيين بالخارج يظلون أوفياء لبلادهم مهما طال الاغتراب، مشيرًا إلى أن حبهم لتونس يشبه حب الأبناء لوالديهم: “حتى لو كانت البلاد صعبة، فإنها تبقى الوطن الذي نحبه وندافع عنه”.

ودعا الدولة إلى استثمار هذه الطاقة الوطنية الهائلة من خلال لقاءات مباشرة أو افتراضية مع الجاليات في مختلف الدول، لتبادل الأفكار وتوضيح الإجراءات وتفادي الأخبار المغلوطة التي قد تحبط الرغبة في الاستثمار.


تسديد تونس لالتزاماتها الخارجية بنجاح، وتنامي تحويلات التونسيين بالخارج، يعكسان مرحلة جديدة من الثقة يمكن البناء عليها لإصلاح الاقتصاد وتعزيز موقع البلاد في الأسواق المالية.
لكنّ تحقيق هذا الهدف يتطلب مواصلة الإصلاحات البنكية والإدارية والجبائية حتى يشعر كل تونسي، داخل البلاد أو خارجها، بأنه شريك حقيقي في مستقبل وطنه.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى