ابني أنقذ حياة 4 أشخاص.. وأشعر أنّه حيّ يُرزق” أب تونسي يتبرع بأعضاء ابنه
تبرّع استثنائي مكّن من إنقاذ أربعة مرضى في تونس وأعاد تسليط الضوء على أهمية ثقافة التبرع بالأعضاء

في مشهد إنساني مؤثّر يجسّد أسمى معاني التضامن والأمل، شهدت تونس يوم الأربعاء 30 جويلية 2025 واحدة من أنجح عمليات زرع الأعضاء، بعد أن تمكّنت الفرق الطبية من إجراء أربع عمليات زرع ناجحة انطلاقًا من متبرّع واحد في حالة موت دماغي.
المتبرّع هو شاب أصيل ولاية القيروان، ابن السيّد حميدة العلياني، الذي تحدّث بحرقة ممزوجة بالفخر قائلاً:
“ابني أنقذ حياة أربعة أشخاص.. وأشعر أنّه حيّ يُرزق. لقد منحتُه حياة جديدة حين سمحت لأعضائه أن تُواصل العطاء في أجساد آخرين.”
وأوضح العلياني أنّه لم يكن مطّلعًا كثيرًا على مسألة التبرع بالأعضاء، لكن تشجيع العائلة والأصدقاء جعله يتّخذ القرار في لحظة حاسمة، ليحوّل رحيل ابنه المفجع إلى بادرة إنسانية عظيمة. وأضاف:
“كنت أشعر أني أودّع ابني، لكن في الوقت نفسه كنت أرى فيه حياة جديدة تُمنح لأربعة أشخاص ينتظرون الأمل.”
🔹 4 عمليات نجحت من متبرّع واحد
من جهته، أكّد مدير عام المركز الوطني للنهوض بزرع الأعضاء، جلال الزيادي، أنّ الفرق الطبية التونسية تمكّنت من زرع قلب وكبد وكليتين من نفس المتبرّع، في أربع عمليات متزامنة، مثمّنًا شجاعة العائلة وتعاونها الكامل مع الطاقم الطبي.
وأشار الزيادي إلى أنّ أكبر عائق أمام تطوّر زراعة الأعضاء في تونس هو ضعف الإقبال على التبرع، رغم ارتفاع الوعي في السنوات الأخيرة، مؤكّدًا أنّ تونس تُعدّ رائدة طبّياً ولوجستياً في هذا المجال على المستوى العربي والإفريقي.
🔹 تونس.. ريادة رغم التحدّيات
ووفقًا لإحصائيات المركز الوطني للنهوض بزرع الأعضاء، تمّ منذ بداية سنة 2025 وإلى غاية 5 أكتوبر الجاري إنجاز 30 عملية زرع كلى وكبد وقلب، متأتية من 10 متبرّعين في حالة موت دماغي.
وتشير الأرقام إلى أنّ نحو 1800 مريض تونسي ينتظرون زراعة كلى، وقرابة 50 مريضاً يحتاجون إلى زراعة قلب، ومثلهم إلى زراعة كبد سنويًّا، في انتظار ارتفاع عدد المتبرعين لمواجهة هذا النقص الحادّ.
🔹 بين الفقد والأمل
قصة عائلة العلياني لم تكن مجرّد تبرع، بل رسالة إنسانية قوية تقول إنّ “الحياة لا تتوقّف عند الموت، بل يمكن أن تُزهر في أجساد الآخرين”.
ويأمل المركز الوطني أن تكون هذه التجربة حافزًا لعائلات أخرى لاتخاذ قرارات مماثلة في لحظات الحزن، لأن كل متبرع يمكن أن ينقذ حياة ما لا يقلّ عن 5 أشخاص، ويمنحهم فرصة جديدة للعيش.