من ملاعب الترجي إلى هوليوود… القصة الاستثنائية لظافر العابدين

قبل أن يصبح اسماً لامعاً في الدراما العربية والعالمية، كان ظافر العابدين لاعب كرة قدم واعداً في صفوف الترجي الرياضي التونسي، يحلم بمسيرة طويلة فوق المستطيل الأخضر. لكن إصابة قوية قلبت مسار حياته بالكامل، بعدما أكد له الأطباء أنه لن يستطيع العودة إلى اللعب لمدة سنتين كاملتين. كانت الضربة موجعة للاعب شاب يعشق الكرة، وشعر وقتها بأن الدنيا ضاقت به.
لكن تلك السنتين اللتين بدتا في البداية عقاباً… تحولتا إلى فرصة العمر.
من تونس إلى باريس… بداية التحوّل
قرر ظافر السفر إلى فرنسا لاستثمار فترة العلاج في التعلم والعمل. وهناك اشتغل مساعداً مع المخرج التونسي المنصف ذويب، الذي نصحه—بعد أن رأى فيه ما هو أبعد من لاعب كرة—بأن يفكر في التمثيل.
وفي باريس، وقّع ظافر عقداً مع وكالة Metropolitan ليصبح واحداً من وجوهها الإعلانية. كانت أولى خطواته نحو عالم لم يتخيله سابقاً.
لندن… التكوين الحقيقي لشغفه الجديد
نصيحة المنصف ذويب لم تذهب سدى. شدّ ظافر الرحال إلى لندن، حيث التحق بكلية برمنغهام للتمثيل، وبدأ من الصفر في دراسة الفن الجديد الذي سيغيّر حياته. هناك تعرف على فتاة إنجليزية أصبحت لاحقاً زوجته وأم ابنته الوحيدة.
وأثناء دراسته، حصل على دور صغير في مسلسل Dream Team، مقدّماً أول ظهور حقيقي له أمام الكاميرا.
فرصة العمر التي اختفت في المونتاج
بلغت طموحات ظافر ذروتها عندما سمع أن توم هانكس يصوّر فيلم The Da Vinci Code. تقدم للـ”أوديشن” وحصل على دور صغير في مشهدين مع النجم العالمي.
لكن المفاجأة المدوية جاءت ليلة العرض الخاص:
اتصل بخطيبته بحماس ليخبرها أن مشاهدة الفيلم ستكشف عن أول لقطة له مع هانكس. مرّت نصف ساعة… ساعة… ساعتان، وانتهى الفيلم دون ظهور ظافر.
تم حذف المشهدين بالكامل خلال المونتاج. كانت صدمة قاسية وموقفاً محرجاً عاشه أمام شريكة حياته.
الحلم المؤجل يتحقق… وبقوة
رغم الشعور بالخذلان، لم ينس ظافر حلمه بالوقوف أمام توم هانكس في دور حقيقي، ليعوّض ما حدث في “شفرة دافنشي”. وبعد سنوات، تحقق الحلم عندما وقع الاختيار عليه لأداء دور حسن في فيلم A Hologram for the King إلى جانب النجم الأمريكي، وهذه المرة بدور محوري يليق بمسيرته وتعبه.
إصابة… غيّرت القدر
لو لم تحدث الإصابة، لربما بقي ظافر لاعباً محترفاً لا يغادر الملاعب. لكن القدر دفعه إلى طريق آخر: السفر، الدراسة، الحب، تكوين الأسرة، والانتقال من لاعب كرة في الترجي… إلى ممثل عربي عالمي يقف على السجاد الأحمر.
قصة ظافر العابدين هي واحدة من تلك الحكايات التي تثبت أن المحن قد تكون بدايات نجاح غير متوقع، وأن الطريق الذي يُغلق… قد يكون سبباً لفتح أبواب أكبر مما تخيلنا.



