عربية

من الرياض إلى الدوحة في ساعتين فقط… قطار سريع يرسم ملامح مرحلة خليجية جديدة

في خطوة لافتة تعكس عودة الدفء والثقة إلى العلاقات الخليجية، وقّعت المملكة العربية السعودية ودولة قطر اتفاقية لإطلاق مشروع قطار كهربائي سريع يربط بين البلدين، في واحد من أضخم المشاريع الاستراتيجية بالمنطقة خلال السنوات الأخيرة.

الاتفاقية، التي تمّ توقيعها يوم الاثنين، لا تحمل فقط أبعادا نقلية أو لوجستية، بل تتجاوز ذلك إلى رسائل سياسية واقتصادية واضحة، مفادها أنّ المنطقة تتّجه بثبات نحو تكامل حقيقي يتجاوز الشعارات.

قطار بسرعة تفوق 300 كلم/س… وشريان جديد للحركة

حسب ما أوردته وكالة الأنباء السعودية “واس”، يمتدّ القطار السريع على مسافة تناهز 785 كيلومترا، رابطا بين العاصمتين الرياض والدوحة، مرورا بمحطات محورية مثل الهفوف والدمام، مع ربط مباشر بين مطار الملك سلمان الدولي ومطار حمد الدولي.

القطار، الذي ستتجاوز سرعته 300 كيلومتر في الساعة، سيقلّص زمن الرحلة بين العاصمتين إلى حوالي ساعتين فقط، وهو ما يُعدّ تحوّلا نوعيا في مفهوم التنقّل الإقليمي، سواء للمسافرين أو لرجال الأعمال والسياح.

10 ملايين مسافر سنويا… و30 ألف موطن شغل

المعطيات المعلنة تشير إلى أنّ المشروع سيخدم أكثر من 10 ملايين راكب سنويا، ما يفتح آفاقا واسعة لتنشيط السياحة البينية، وتسهيل تنقّل الأفراد لاكتشاف المعالم الثقافية والترفيهية في البلدين بكلّ سلاسة.

الأهم من ذلك، أنّ المشروع سيساهم في خلق أكثر من 30 ألف فرصة عمل مباشرة وغير مباشرة، وهو رقم له دلالته في سياق الرهانات الاقتصادية والاجتماعية التي تخوضها دول الخليج اليوم.

115 مليار ريال أثر اقتصادي… ومكسب استراتيجي

اقتصاديا، تتوقّع “واس” أن يحقّق المشروع، بعد اكتماله، أثرا يناهز 115 مليار ريال على الناتج المحلي الإجمالي للبلدين، ما يجعله واحدا من أكثر المشاريع مردودية في المنطقة، ولبنة أساسية في مسار الربط الخليجي عبر شبكة سكك حديدية عصرية.

كما يُنتظر أن يعزّز المشروع المبادلات التجارية، ويُرسّخ التكامل بين دول مجلس التعاون، في وقت تبحث فيه المنطقة عن حلول نقل ذكية وأكثر نجاعة.

نقل نظيف ومعايير عالمية… مستقبل أخضر على السكة

من المنتظر أن يُنجز المشروع في غضون 6 سنوات، مع الالتزام بأعلى معايير الجودة والسلامة العالمية، واعتماد أحدث تقنيات السكك الحديدية والهندسة الذكية.

ولا يقف الطموح عند السرعة فقط، إذ يراهن المشروع على الاستدامة البيئية، من خلال تقليص انبعاثات الكربون، ودعم التوجه نحو أنماط نقل نظيفة وذكية، تواكب التحوّلات المناخية والاقتصادية التي يشهدها العالم.


بكلفة رمزية أو ضخمة، وبسرعة قياسية أو رؤية بعيدة المدى، يبدو أنّ قطار الرياض – الدوحة ليس مجرّد وسيلة نقل، بل رسالة واضحة: الخليج يضع اليوم سكّته نحو المستقبل… على أسس أكثر ترابطا وانفتاحا. 

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى