قابس تستعيد ذاكرتها المعمارية: ترميم كنيسة باب بحر ينطلق سنة 2026

بعد سنوات طويلة من الإهمال والغلق، يلوح في الأفق موعد جديد لإعادة الاعتبار لأحد أبرز المعالم التاريخية بمدينة قابس. فقد أعلن المدير العام للمعهد الوطني للتراث طارق البكوش أن سنة 2026 ستشهد انطلاق أشغال ترميم وصيانة معلم الكنيسة بباب بحر، وذلك بعد اقتنائه رسميًا من قبل المعهد.
قرار رسمي وتنسيق جهوي
وجاء هذا الإعلان خلال اجتماع انعقد بمقر ولاية قابس، جمع المدير العام للمعهد الوطني للتراث بوالي الجهة، بحضور عدد من الإطارات والمسؤولين الجهويين، في إطار تنسيق الجهود الرامية إلى حماية التراث المادي وتثمينه.
معلم مهمل منذ 2007
ويُعدّ هذا المعلم أحد الشواهد المعمارية البارزة بالمدينة، إذ كان يحتضن في فترة سابقة المكتبة الجهوية بقابس، قبل أن يُغلق سنة 2007 بسبب تقادمه، ليدخل بعدها مرحلة طويلة من الإهمال أثّرت بشكل واضح على حالته المعمارية.
كنيسة تعود إلى القرن التاسع عشر
وفي تصريح لوكالة تونس إفريقيا للأنباء، أوضح المتفقد الجهوي للتراث بالساحل الجنوبي ياسين لكحل أن تأسيس كنيسة قابس يعود إلى حوالي سنة 1870، وكانت تُعرف باسم “كنيسة القديسة مريم”.
وأشار إلى أن الكنيسة شهدت خلال عقود طويلة إبرام عقود زواج تعود إلى نهاية القرن التاسع عشر وتمتد إلى منتصف القرن العشرين، ما يعكس أهميتها الاجتماعية والتاريخية في تلك الفترة.
وأكد لكحل أن المعلم أصبح محميا رسميًا منذ جانفي 2024، مع إقرار منطقة ارتفاق تُقدّر بـ 400 متر، في خطوة تهدف إلى ضمان حمايته ومنع أي اعتداءات مستقبلية عليه.
قابس… رصيد أثري متنوع
وتزخر ولاية قابس بعديد المواقع والمعالم الأثرية التي تعكس ثراءها التاريخي، من بينها المدرسة المرادية، وخط مارث العسكري، وخط ليماس الروماني، إضافة إلى مواقع واد العكاريت والزارات وشط الرخامة، ما يجعل من الجهة خزانًا حقيقيًا للذاكرة الوطنية.
الأسواق والقرى الجبلية على طاولة النقاش
من جهة أخرى، تناول اللقاء الذي جمع والي قابس بالمدير العام للمعهد الوطني للتراث جملة من المواقع التي يمكن أن يتدخّل فيها المعهد خلال المرحلة القادمة، على غرار الأسواق التقليدية مثل سوق الحنّاء، إلى جانب القرى والقصور الجبلية التي باتت تحتاج إلى تدخلات عاجلة لصيانتها والمحافظة عليها.
بين قرار الترميم وتوسّع دائرة الاهتمام بالتراث، تبدو قابس على موعد مع مرحلة جديدة تُعيد الاعتبار لذاكرتها المعمارية… وتحوّل الإهمال إلى فرصة للإنقاذ والتثمين.



