الشريط الساحلي تحت التهديد: تونس تتّجه لإعداد مخطّط مديري لمواجهة الانجراف البحري

في ظلّ تصاعد المخاطر البيئية والاقتصادية المرتبطة بتآكل السواحل، نظّمت وزارة التجهيز والإسكان، اليوم الثلاثاء 16 ديسمبر 2025، يومًا إعلاميًا خُصّص لتقديم مخرجات دراسة إعداد المخطّط المديري لحماية الشريط الساحلي من الانجراف البحري، في خطوة تعكس تنامي الوعي بخطورة الظاهرة وضرورة معالجتها على المدى المتوسط والبعيد.
شريط ساحلي استراتيجي… وثقل اقتصادي كبير
وفي كلمته بالمناسبة، أكّد رئيس ديوان وزير التجهيز والإسكان، قيس بالضياف، أنّ تونس تحتلّ موقعًا جغرافيًا استراتيجيًا بفضل انفتاحها على البحر الأبيض المتوسط من جهتيه الشمالية والشرقية، وقربها من أوروبا، إضافة إلى ارتباطها بالطرق البحرية الرئيسية ووصلاتها البرية والجوية والبحرية مع إفريقيا.
وأوضح أنّ هذا الموقع جعل الشريط الساحلي محورًا رئيسيًا لعدد هام من الأنشطة الاقتصادية، حيث يضمّ 7 موانئ تجارية، و42 ميناء صيد بحري، و7 موانئ ترفيهية، فضلًا عن تركّز 95 بالمائة من الاستثمارات السياحية على طول السواحل التونسية.
بنية حيوية مهدّدة بالانجراف
وأشار بالضياف إلى أنّ الشريط الساحلي يحتضن أيضًا 3 محطات لتوليد الكهرباء توفّر نحو 60 بالمائة من حاجيات البلاد، إلى جانب 4 محطات لتحلية مياه البحر بطاقة إجمالية تُقدّر بـ450 ألف متر مكعّب يوميًا، و3 وحدات كبرى لتكرير الفسفاط بصفاقس والصخيرة وقابس، فضلاً عن قرابة 36 مشروعًا لتربية الأسماك.
غير أنّ هذا الثقل الاقتصادي، وفق المتحدّث، بات مهدّدًا بفعل تدهور الشريط الساحلي وتفاقم ظاهرة الانجراف البحري، نتيجة تداخل عوامل طبيعية وبشرية.
تشخيص شامل وخارطة طريق واضحة
وفي مواجهة هذه التحديات، أفاد رئيس ديوان وزير التجهيز أنّ الوزارة أنجزت دراسة متكاملة لإعداد مخطّط مديري لحماية الشريط الساحلي التونسي من الانجراف البحري، تهدف بالأساس إلى:
-
التعرف الدقيق على وضعية الشريط الساحلي
-
تشخيص الحالة الراهنة عبر تقييم مشاريع الحماية المنجزة سابقًا
-
تحديد المناطق المتدهورة أو المهدّدة بالانجراف
خطة 2025–2035 ورؤية إلى أفق 2050
وتتضمّن الدراسة، وفق المصدر ذاته، إعداد خطة عمل لحماية الشريط الساحلي للفترة 2025–2035، إلى جانب وضع استراتيجية وطنية طويلة المدى في أفق سنة 2050، بما يسمح بالتدرّج في المعالجة وضمان استدامة الحلول.
دعوة لتظافر الجهود
وختم قيس بالضياف بالتأكيد على ضرورة تضافر جهود جميع المتدخّلين، من خلال التشاور وتبادل المعطيات والتجارب، والاستفادة من التقنيات الحديثة، وتقديم مقترحات عملية تُمكّن من تطبيق برنامج العمل المنبثق عن هذه الدراسة.
رهان كبير أمام تونس: حماية شريط ساحلي يُمثّل رئة اقتصادية وبيئية، قبل أن يبتلعه البحر خطوة خطوة.

