من القيروان تنطلق الشمس: أول محطة كبرى للطاقة الشمسية تدخل حيّز الإنتاج في تونس

دخلت تونس، رسميًا، مرحلة جديدة في مسار الانتقال الطاقي، مع انطلاق إنتاج أول محطة كبرى للطاقة الشمسية بالبلاد، وذلك من ولاية القيروان، في مشروع وُصف بالاستراتيجي ويُعوَّل عليه لتقليص العجز الطاقي وتعزيز السيادة الوطنية في مجال الطاقة.
مشروع تاريخي أُنجز في وقت قياسي
وأكدت وزيرة الصناعة والمناجم والطاقة، فاطمة ثابت شيبوب، خلال إشرافها مساء الثلاثاء 16 ديسمبر 2025 على موكب تدشين دخول محطة القيروان الشمسية مرحلة الإنتاج، أن هذا المشروع يُعدّ الأول من نوعه بهذا الحجم في تونس، وقد تم إنجازه في آجال قياسية، رغم حداثة التجربة الوطنية في هذا المجال.
وشهد حفل التدشين حضور عدد من سفراء الدول الإفريقية المعتمدين بتونس، إلى جانب المدير العام للشركة الإماراتية «أميا باور»، والمدير العام للشركة التونسية للكهرباء والغاز (الستاغ)، ووالي القيروان، وعدد من الإطارات المركزية والجهوية.
تعزيز الأمن الطاقي… وتقليص فاتورة الغاز
وأبرزت الوزيرة أن أهمية المشروع لا تقتصر على إنتاج الكهرباء من مصدر متجدد، بل تمتد إلى نقل المعارف والخبرات، حيث تخوض تونس لأول مرة تجربة بهذا الحجم في مجال الطاقة الشمسية.
كما سيساهم المشروع، وفق تأكيدها، في تعزيز الأمن الطاقي، وتقليص العجز الطاقي، والحدّ من كلفة العملة الصعبة الناتجة عن توريد الغاز.
وشدّدت في هذا السياق على أن الشركة التونسية للكهرباء والغاز تبقى الجهة الوحيدة المخوّلة لشراء الطاقة المنتجة، مثمّنة ثقة المستثمرين والممولين الدوليين في تونس، ومعتبرة المشروع نموذجًا ناجحًا للشراكة في مجال الطاقات المتجددة.
كفاءات تونسية 100%… وخبرة تُصدَّر
وكشفت الوزيرة أن إنجاز المشروع شارك فيه نحو 850 إطارًا و20 شركة، رغم غياب تجربة سابقة لدى أغلبهم في مشاريع مماثلة، إلا أنهم نجحوا في اكتساب خبرات عالية تخوّل لهم إنجاز مشاريع كبرى داخل تونس وخارجها، مؤكدة أن المشروع أُنجز بكفاءات تونسية بنسبة 100 بالمائة.
مردودية تفوق التوقعات بـ20%
وفي ما يعكس جاهزية المشروع، أوضحت شيبوب أن الاختبارات التقنية انطلقت منذ شهر، وأثبتت سلامة التجهيزات وعدم تسجيل أي خلل فني، بل إن مردودية الإنتاج فاقت التقديرات الأولية بنسبة تفوق 20 بالمائة.
أكبر محطة شمسية في تونس بالأرقام
من جانبه، أفاد الصحبي عمارة، المدير العام لشركة محطة القيروان الشمسية، أن المشروع يُعدّ الأكبر من نوعه في تونس، بطاقة إنتاج تفوق 100 ميغاواط تُضخّ مباشرة في شبكة الستاغ للاستهلاك الوطني، مع توجّه نحو التوسعة مستقبلاً.
وبيّن أن المحطة تمتد على مساحة تناهز 200 هكتار، وتضم حوالي 221 ألف لوحة شمسية، بطاقة إنتاج سنوية تعادل استهلاك نحو 43 ألف منزل تونسي، مع تقليص انبعاثات ثاني أكسيد الكربون بحوالي 120 ألف طن سنويًا. وقد بلغت كلفة المشروع قرابة 260 مليون دينار.
تخفيف الضغط على الشبكة… ومشاريع قادمة
بدوره، أكّد المدير العام للشركة التونسية للكهرباء والغاز، فيصل طريفة، أن محطة القيروان ستساهم في التخفيف من الضغط على الشبكة الكهربائية، عبر تزويدها بأكثر من 100 ميغاواط، أي ما يعادل تزويد أكثر من 40 ألف حريف.
وكشف طريفة عن مشروعين إضافيين بكل من توزر وسيدي بوزيد، بطاقة 50 ميغاواط لكل مشروع، من المنتظر أن يدخلا حيّز الإنتاج قبل نهاية السنة الإدارية الحالية.
شراكة تونسية–إماراتية برؤية مستقبلية
ويُذكر أن محطة القيروان للطاقة الشمسية هي ثمرة تعاون تونسي إماراتي تقوده شركة «أميا باور»، وتقع بمنطقة المتبسطة التابعة لمعتمدية السبيخة، لتضع القيروان في قلب التحوّل الطاقي، وتفتح بابًا جديدًا أمام تونس نحو طاقة أنظف… وأكثر استقلالية.



