النفطي من القاهرة: العالم المتأزّم يفرض شراكة إفريقية–روسية شاملة ودائمة

في ظلّ إقليم ملتهب ونظام دولي يزداد تعقيدًا، شدّد وزير الشؤون الخارجية والهجرة والتونسيين بالخارج محمد علي النفطي على أنّ المرحلة الراهنة تفرض تعزيز شراكة شاملة ودائمة بين إفريقيا وروسيا، تقوم على المصالح المشتركة والاحترام المتبادل، وتستجيب لتحدّيات الحاضر ورهانات المستقبل.
وجاء ذلك في الكلمة التي ألقاها النفطي خلال أشغال المؤتمر الوزاري الثاني لمنتدى الشراكة روسيا–إفريقيا، المنعقد بالعاصمة المصرية القاهرة يومي 19 و20 ديسمبر الجاري، حيث اعتبر أنّ تصاعد الأزمات وتشابكها إقليميًا ودوليًا يجعل من تضافر الجهود خيارًا لا مفرّ منه.
قيم الشراكة… لا منطق الوصاية
وأوضح وزير الخارجية، وفق بلاغ للوزارة، أنّ الشراكة المنشودة بين الجانبين يجب أن ترتكز على قيم التضامن، الحوار البنّاء، الاحترام المتبادل، السيادة الوطنية وعدم التدخل في الشؤون الداخلية للدول، مع تقاسم الأعباء في إطار تكامل إفريقي يراعي أولويات القارة وحاجياتها التنموية.
وأكد النفطي أنّ تونس، التي تعتزّ بانتمائها الإفريقي وتاريخها في مقاومة الاستعمار والتمييز العنصري، ماضية في دعم كل الجهود الرامية إلى حفظ السلم والأمن في القارة، ومواصلة العمل مع الدول الإفريقية الشقيقة من أجل تنويع الشراكات الدولية، سواء على المستوى الثنائي أو متعدّد الأطراف.
من سوتشي إلى القاهرة… التحدّي في التنفيذ
واعتبر الوزير أنّ المؤتمر يمثّل فرصة لتقييم التقدّم المحقّق منذ الدورة الأولى للمنتدى المنعقدة بـسوتشي في نوفمبر 2024، خاصة فيما يتعلّق بالمشاريع والمبادرات المدرجة ضمن خطة العمل الروسية–الإفريقية.
ولم يُخفِ النفطي أنّ التحدّي الحقيقي يكمن في توفير آليات التمويل الكفيلة بتحويل هذه المبادرات من مجرّد تعهّدات إلى إنجازات ملموسة على أرض الواقع.
وفي هذا السياق، اقترح إرساء أشكال تعاون جديدة بين المجموعة الإفريقية والتجمّعات الإقليمية الأخرى التي تلعب فيها روسيا دورًا محوريًا، على غرار الاتحاد الاقتصادي الأوراسي.
الاقتصاد في صلب الشراكة
ودعا وزير الخارجية الجانب الروسي إلى تطوير المبادلات التجارية مع الدول الإفريقية وتكثيف الاستثمارات، خصوصًا في مجالات الفلاحة، الصناعة والطاقات المتجددة، بالنظر إلى الإمكانات الضخمة التي تزخر بها إفريقيا وروسيا معًا.
وشدّد على أنّ هذا التوجّه من شأنه أن يدعم أجندة الاتحاد الإفريقي 2063 وأهداف التنمية المستدامة للأمم المتحدة 2030، ويساهم في تحقيق اندماج اقتصادي أوسع وتنمية شاملة، خاصة في إطار الانتقال الطاقي، الإيكولوجي والرقمي.
إفريقيا التي نريد
وفي بعد سياسي استراتيجي، أكّد النفطي أنّ إفريقيا أصبحت اليوم «قارة الحاضر والمستقبل»، بفضل ثرواتها الطبيعية ومواردها البشرية، داعيًا إلى توحيد الصوت الإفريقي ليكون مؤثرًا وفاعلًا داخل نظام دولي أكثر عدلًا وتوازنًا.
وجدّد في هذا الإطار دعم تونس لأمن السودان واستقراره، بما يحفظ سيادته ووحدة أراضيه ويضع حدًا لمعاناة شعبه، كما أعرب عن أمله في توصل الأشقاء في ليبيا إلى تسوية سياسية توافقية عبر حوار ليبي–ليبي تحت رعاية الأمم المتحدة، منوّهًا بدور آلية التشاور الثلاثي بين تونس ومصر والجزائر.
يُذكر أنّ الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي استقبل وزراء الخارجية ورؤساء الوفود المشاركة في هذا المؤتمر، في تأكيد على الأهمية السياسية المتزايدة لهذا الفضاء الإفريقي–الروسي.




