الشاب مامي في الحمامات: حين يعيد الحنين رسم ملامح ليلة صيفية

في أجواء صيفية نابضة بالموسيقى، عاد الشاب مامي، أيقونة الراي، إلى ركح الحمامات بعد غياب تجاوز العقد، وسط جمهور جمع أجيالاً متعددة بين من جاء ليستعيد ذكريات التسعينات وبدايات الألفية، ومن اكتشفه لأول مرة من جيل الشباب الجديد.
منذ اللحظة الأولى، أطلّ مامي بكامل حضوره الفني، مؤدياً باقة من أغانيه الشهيرة مثل “أزواو” و”Au Pays des Merveilles” و”أهوما جاو صحابي وجيرانا”، وصولاً إلى “Ma Vie 2 Fois”، مع توازن مدروس بين طابع الحنين والإيقاعات التي تشعل الحماس. مواويله المميزة ورقصاته الخفيفة أضفت على الحفل حيوية صادقة، فيما عزّز التوزيع الموسيقي المحكم والتناغم مع فرقته جمالية الأداء.
الجمهور، بفسيفسائه العمرية، تفاعل مع كل أغنية بحماس، خاصة مع أداء “عمري ما ظنيت” و”جاري يا حمودة”، التي كانت بمثابة جسر وجداني بين الفنان والحاضرين. ورغم بعض لحظات التعب الطفيفة، حافظ صوت مامي على دفئه وقوته، بدعم من فرقة موسيقية أتاحت له التألق دون أن تطغى على صوته.
الحفل لم يكن مجرد عرض موسيقي، بل درس في إدارة الجمهور؛ مامي يعرف متى يترك الكلمة للحاضرين ومتى يقود الموجة بنفسه، مانحاً كل لحظة بعداً إنسانياً حياً لا تمنحه المقاطع السريعة على وسائل التواصل الاجتماعي.
في ختام الأمسية، بدا واضحاً أن الشاب مامي نجح في إعادة ترسيخ اسمه في الذاكرة التونسية، مثبتاً أن الحنين ما زال ورقة رابحة، لكنه ترك أيضاً سؤالاً مفتوحاً أمام الجيل الجديد: هل سنشهد يوماً فناناً معاصراً قادراً على توحيدنا حول أغانٍ تبقى في القلب بعد أن ينطفئ الضوء، أم أن زمن هذه اللحظات الجماعية ولى؟