وطنية

التبرع بالأعضاء في تونس.. 1700 مريض على قوائم الانتظار و15 ألف متبرع فقط

يشكل ملف زرع الأعضاء في تونس أحد أبرز التحديات الصحية والإنسانية المطروحة اليوم، إذ تتجاوز قوائم الانتظار 1700 مريض، في وقت لا يتجاوز فيه عدد المسجلين كمتبرعين نحو 15 ألف تونسي فقط، ما يعكس الحاجة الملحة إلى نشر ثقافة التبرع وتعزيز الوعي المجتمعي بأهميتها.

قضية إنسانية مازالت “تابو”

يؤكد الدكتور محمد الفقراوي، الطبيب المنسق بالمركز الوطني للنهوض بزرع الأعضاء، في حواره مع إذاعة “موزاييك”، أن موضوع التبرع بالأعضاء ما يزال “تابو” لدى شريحة واسعة من المواطنين، رغم التحسن الملحوظ في السنوات الأخيرة بفضل الحملات التوعوية والتطور الحاصل في هذا المجال.

عدد محدود من العمليات

ويشير الفقراوي إلى أن التطور في عدد عمليات الزرع لا يزال بطيئًا مقارنة بالحاجات الطبية، موضحًا أن المركز يواجه صعوبات في إقناع العائلات بالموافقة على التبرع بعد الوفاة الدماغية بسبب غياب معرفة مسبقة بموقف المتوفى من التبرع أثناء حياته.

بطاقة التعريف وصفة “متبرع”

منذ صدور القانون المنظم للتبرع بالأعضاء سنة 1999، لم يتجاوز عدد المسجلين كمتبرعين 13 ألف شخص إلى حدود سنة 2020، قبل أن يرتفع الرقم اليوم إلى حوالي 15 ألف بفضل الحملات الوطنية. ويسعى المركز إلى بلوغ مليون متبرع في السنوات القادمة، مع تشجيع المواطنين على تسجيل صفة “متبرع” في بطاقات تعريفهم الوطنية.

ويؤكد الفقراوي أن المركز الوطني ينظم سنويًا تظاهرات توعوية بمناسبة اليوم العالمي للتبرع بالأعضاء الموافق لـ17 أكتوبر، بالتعاون مع الشرطة الفنية، لتمكين المواطنين من التسجيل الفوري، مشيرًا إلى أنه تم في بعض الحملات تسجيل أكثر من 200 متبرع في يوم واحد.

التبرع… عبادة وإنقاذ للأرواح

من الجانب الديني، شدد الفقراوي على أن التبرع بالأعضاء لا يتعارض مع الشريعة الإسلامية، بل يتماشى مع مقاصدها في إنقاذ الأرواح ونشر الرحمة، مضيفًا أن المركز يعمل مع وزارة الشؤون الدينية لتوعية المواطنين عبر الأئمة والوعاظ بأهمية هذا العمل الإنساني.

الحاجة أكبر من المتوفر

تشير الإحصائيات إلى أن نحو 1600 مريض ينتظرون زرع كلى، في حين يحتاج حوالي 50 مريضًا إلى زرع قلب و50 آخرون إلى زرع كبد. كما يخضع أكثر من 14 ألف تونسي لتقنية تصفية الدم، 30% منهم في حاجة ماسة إلى زرع كلى لتحسين نوعية حياتهم.

أما من حيث الأرقام، فقد تم إلى حدود أكتوبر 2025 إجراء 29 عملية زرع فقط، مقابل 23 في 2024 و42 في 2023، فيما يتراوح عدد المتبرعين المتوفين دماغيًا بين 10 و20 حالة سنويًا، وهي نسبة لا تزال دون المطلوب.

طريق طويل… لكن الأمل قائم

يختم الدكتور الفقراوي حديثه بالتأكيد على أن كل خطوة نحو رفع الوعي المجتمعي بالتبرع تمثل حياة جديدة تُمنح لمريض ينتظر الأمل، قائلاً: “كل مواطن يختار أن يكون متبرعًا يمنح فرصة للحياة لإنسان آخر. الطريق طويل، لكن تونس قادرة على أن تجعل من التبرع بالأعضاء ثقافة تضامن حقيقية.”

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى