وطنية

العنف في صفوف التلاميذ.. ظاهرة خطيرة تتطلب مراجعات عميقة

أكد الباحث في علم الاجتماع طارق السعيدي أن ظاهرة العنف في صفوف الأطفال، خاصة داخل الوسط المدرسي، تُعدّ من أخطر الظواهر الاجتماعية التي تستوجب تحليلًا عميقًا وفهمًا دقيقًا قبل البحث عن الحلول.

وأوضح السعيدي في تصريح لـموزاييك أن العنف يتخذ شكلين أساسيين: العنف المادي، والعنف المعنوي أو التنمر، مشيرًا إلى أن كليهما يخلّف آثارًا سلبية على نفسية الطفل وسلوكه الاجتماعي مستقبلاً.

ووفق دراسة صادرة عن اليونيسف سنة 2022، فإن العنف ضد الأطفال هو كل فعل متعمد أو تهديد أو سلوك يؤدي أو يُحتمل أن يؤدي إلى أذى بدني أو نفسي، في حين عرّفته منظمة الصحة العالمية بأنه استخدام متعمد للقوة أو السلطة ضد الطفل بما قد يؤدي إلى إصابة أو حرمان من النمو أو حتى الحياة. كما نصّ الفصل 19 من اتفاقية حقوق الطفل على حماية الطفل من جميع أشكال العنف البدني أو النفسي أو الإهمال أو الاستغلال.

🔹 مصادر العنف

بيّن الباحث أن العنف لدى التلاميذ يعود إلى ثلاثة مصادر رئيسية:

  1. العائلة: وهي المصدر الأول للعنف، إذ تلعب دورًا حاسمًا في التنشئة الاجتماعية. وشدّد السعيدي على أهمية اعتماد الحوار والتربية الإيجابية بدل العقاب البدني، خاصة وأن دراسات اليونيسف كشفت أن 8 من كل 10 أطفال في تونس يتعرضون لأحد أشكال التأديب العنيف، وأن 13% منهم يتعرضون لعقاب بدني شديد.

  2. وسائل الإعلام والتواصل الاجتماعي: حيث تروّج رموزًا وشخصيات عنيفة يتأثر بها الأطفال، خصوصًا في غياب رقابة أسرية فعّالة.

  3. الفضاء المدرسي: إذ يمكن أن يتبنّى بعض التلاميذ سلوكيات عنيفة كردّ فعل أو تقليد لأقرانهم، ما يؤدي إلى تطبيع العنف داخل المؤسسات التعليمية.

🔹 التكلفة الاقتصادية للعنف

قدّرت دراسة اليونيسف سنة 2022 الكلفة الاقتصادية للعنف ضد الأطفال في تونس بـ 2.6 مليار دينار، أي ما يعادل 1.9٪ من الناتج المحلي الإجمالي، منها:

  • 1.4 مليار دينار كتكلفة للعنف النفسي (1٪ من الناتج المحلي).

  • مليار دينار للعنف الجسدي (0.7٪ من الناتج المحلي).

  • 158 مليون دينار للعنف الجنسي (0.1٪ من الناتج المحلي).

🔹 نحو حلول عملية

وشدّد السعيدي على أن الحوار داخل الأسرة هو المفتاح الأساسي لمعالجة ظاهرة العنف، داعيًا إلى إعادة النظر في دور المدرسة التي اقتصرت على التلقين الأكاديمي بدل ترسيخ قيم المواطنة والتسامح. كما دعا إلى سياسات تربوية وإعلامية جديدة تُعزّز التربية على اللاعنف وتُعيد الاعتبار للدور التربوي للمؤسسات التعليمية والاجتماعية.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى