القصرين: مشاريع واعدة لتثمين “سلطان الغلّة” رغم تهديد الحشرة القرمزية

تُعدّ ولاية القصرين، وخاصة منطقة زلفان من معتمدية تالة، من أبرز المناطق الفلاحية في تونس إنتاجًا وجودةً لنبتة التين الشوكي أو ما يُعرف بـ”سلطان الغلّة”، حيث تحتل الجهة المرتبة الأولى وطنيا بمساحة تناهز 100 ألف هكتار، منها 3 آلاف هكتار من الهندي البيولوجي، بإنتاج سنوي يُقدّر بـ250 ألف طن، أي ما يعادل نصف الإنتاج الوطني تقريبًا.
ويُعتبر هذا القطاع ركيزة اقتصادية أساسية في الجهة، إذ يوفّر حوالي 40 ألف موطن شغل أغلبها لفائدة اليد العاملة النسائية، ويساهم بما يقارب 80 مليون دينار سنويا في الدورة الاقتصادية المحلية والوطنية.
وتنشط حول ضيعات التين الشوكي 13 شركة تحويل مختصة في تثمين هذا المنتوج وتحويله إلى مشتقات غذائية وتجميلية متنوّعة مثل العصائر والمربى والرُب والعسل ومواد التجميل، من بينها مؤسسات مصدّرة كليًا نحو الأسواق الأوروبية والإفريقية.
ورغم هذه الديناميكية، يواجه القطاع تهديدًا متزايدًا بسبب انتشار الحشرة القرمزية التي تُهاجم مساحات شاسعة من الضيعات، ما يُهدد الإنتاج ومستقبل النشاط الفلاحي بالجهة.
غير أن هذا التحدّي لم يمنع الفلاحين من البحث عن حلول مبتكرة لتثمين المنتوج المتضرر بدل التخلص منه، على غرار مبادرة المهندس الفلاحي المتقاعد عمر البناني، رئيس الشركة التعاونية للخدمات الفلاحية بزلفان “البنانة”، الذي يعمل على مشروع لتجفيف زُبيرة التين الشوكي (الظُلف) وتحويلها إلى أقراص وقوالب علفية لتغذية الماشية.
وقال البناني في تصريح لـ”وات” إن الهكتار الواحد من زُبيرة التين الشوكي يُنتج بين 10 و20 ألف ظُلفة، يُستهلك جزء منها محليًا كعلف، بينما تتلف كميات أخرى رغم قيمتها الغذائية العالية، موضحًا أن القيمة الغذائية للظُلفة الواحدة تعادل غرامًا واحدًا من الشعير، ما يجعلها بديلاً محليًا واعدًا للأعلاف المستوردة.
وأشار البناني إلى أنه قدّم مشروعه إلى وزارة الفلاحة لاعتماد الظلف المجفف كمكوّن في الأعلاف الحيوانية، إلا أن ارتفاع كلفة الإنتاج حال دون تنفيذ المشروع، حيث إن كل 1000 كيلوغرام من الظلف الأخضر لا تعطي سوى 100 كيلوغرام مجفف. ودعا الدولة إلى دعم الفارق في الكلفة وتشجيع اعتماد هذا البديل المحلي لتقليص واردات الأعلاف والحفاظ على العملة الصعبة.
أما بخصوص إمكانية تحويل ثمار التين الشوكي المتضرّرة من الحشرة القرمزية إلى علف، فأكد البناني أن ذلك ممكن وآمن، موضحًا أن الحشرة غير ضارة بالإنسان أو الحيوان، بل تقتصر أضرارها على النبات، ما يجعل من هذا الحل بديلًا عمليًا للفلاحين المتضررين في مختلف الولايات لتخزين القوالب العلفية واستعمالها في فترات الجفاف.

