وصال الكسراوي: تونس تعيد رسم حدود الدبلوماسية في استدعاء السفيرة الهولندية

في تحليل بصري وسياسي دقيق، تناولت الصحفية وصال الكسراوي اللحظة التي جمعت وزير الخارجية التونسي بالسفيرة الهولندية في تونس، معتبرة أن الصورة التي التُقطت ليست مجرد لقاء بروتوكولي، بل نص بصري محكم يحمل رسائل سيادية واضحة.
وفقًا لما ذكرته الكسراوي، من يقرأ الصورة بعين تحليلية للخطاب السياسي يدرك فورًا أن اللقاء لم يكن مجرد تحية مجاملة، بل استدعاء رسمي محمّل برسائل سياسية. تصدّر العلم التونسي المشهد، ليس كعنصر زخرفي، بل كجدار رمزي يُعيد توزيع الأدوار: تونس في المركز، والضيف في الهامش. الوزير جلس بشكل مستقيم، ويداه مشدودتان في حضنه، ونظرته الثابتة والمباشرة كانت بمثابة خطاب صامت موجّه للرأي العام قبل أن يكون موجّهًا للسفيرة، مؤكدة على صرامة قواعد الدولة.
على الجانب الآخر، وصف تحليل وصال الكسراوي موقف السفيرة الهولندية بأنه أكثر ليونة، مع ابتسامة خفيفة، وساق فوق ساق، ويد مستقرة على الركبة، كأنها تحاول التماسك وتخفيف حدّة الموقف. لغة جسدها عكست توتراً هادئاً يظهر إدراكها لثقل الرسالة، من دون أن تتقاطع مع صرامة مضيفها.
كما أشارت الكسراوي، حتى الفضاء الذي جرت فيه المقابلة لم يكن بريئًا من الدلالة: المقاعد الرسمية، والزليج التونسي التقليدي على الجدار، والعلم الكبير في المنتصف، كلها عناصر تعزز رمزية السيادة وتضبط هندسة العلاقة داخل المشهد. العلم الهولندي ظهر بحجم أصغر أمام السفيرة، في حضرة العلم التونسي الذي يتوسط الصورة كحكم لا يُناقش.
ويكتسب هذا المشهد بعده الفعلي في سياقه العام، بعد أن قامت السفيرة بعدة لقاءات مع فاعلين وطنيين دون التنسيق مع وزارة الخارجية، ما اعتُبر تجاوزًا للمعايير الدبلوماسية. بحسب وصال الكسراوي، الهدف لم يكن مجرد توضيح موقف، بل إعادة ضبط قواعد اللعبة، وتأكيد أن العمل الدبلوماسي يجب أن يكون ضمن أطر الدولة الرسمية، وليس في مساحة مفتوحة خارجها.
في زمن تتزايد فيه محاولات الالتفاف على المؤسسات، ترى الكسراوي أن هذه الصورة أكثر من حدث عابر. إنها إعلان واضح بأن تونس تحافظ على مكانتها السيادية، ولن تسمح بأن تُدار شؤونها خارج القنوات الرسمية.
باختصار، وفقًا لتحليل وصال الكسراوي، ما شهدناه لم يكن مجرد لقاء بروتوكولي، بل درس مكتوب بلغة الجسد، موثق بدقة، وموقّع بختم الدولة، ليؤكد التوازن بين السيادة والسياسة الدبلوماسية.



