أوروبا تُغلق صنبور موسكو: حظر الغاز الروسي يدخل العدّ العكسي

في خطوة تُعد من أخطر القرارات الاستراتيجية منذ اندلاع الحرب في أوكرانيا، صادق البرلمان الأوروبي على حظر جميع واردات الغاز الروسي بحلول خريف 2027، واضعًا بذلك حدًا لعقود من الاعتماد الطاقي على موسكو، وساحبًا ورقة ضغط مالية من يد الكرملين.
القرار يأتي في سياق سعي الاتحاد الأوروبي إلى تجفيف مصادر تمويل الحرب الروسية، وتحويل ملف الطاقة من نقطة ضعف إلى أداة سيادة سياسية.
تصويت كاسح في ستراسبورغ… والعقبة الأخيرة تسقط
وخلال جلسة عامة عُقدت في ستراسبورغ، صوّتت أغلبية ساحقة من نواب البرلمان لصالح الحظر، ما اعتُبر تجاوزًا لآخر عقبة كبرى قبل اعتماده رسميًا، في انتظار المصادقة النهائية من الدول الأعضاء.
بهذا التصويت، يكون البرلمان قد بعث برسالة واضحة: زمن الغاز الروسي في أوروبا يقترب من نهايته، مهما كانت الكلفة أو التعقيدات.
«إنجاز تاريخي»… أرقام تكشف حجم الارتهان
إينيس فايدير، مقررة مشروع القانون، وصفت القرار بـ«الإنجاز الكبير» و«اللفتة التاريخية» للاتحاد الأوروبي. تصريحاتها جاءت مدعومة بأرقام صادمة: فمنذ بداية الحرب الشاملة في فيفري 2022، دفع الاتحاد الأوروبي أكثر من 216 مليار يورو مقابل الوقود الأحفوري الروسي، ولا يزال يضخ قرابة 40 مليون يورو يوميًا إلى خزينة موسكو.
أرقام تُفسّر لماذا تحوّل الغاز من مسألة اقتصادية إلى معركة سياسية بامتياز.
حظر تدريجي… والعقود الطويلة تحت المقصلة
ينص القرار على تطبيق الحظر بشكل تدريجي، على أن يدخل حيّز التنفيذ الكامل في موعد أقصاه 1 نوفمبر 2027، مع تركيز خاص على عقود الشراء طويلة الأجل، وهي الأكثر حساسية وتعقيدًا، إذ تمتد أحيانًا لعشرات السنين.
في المقابل، لم يذهب الاتفاق إلى حد القطيعة الشاملة، إذ لم يشمل حظرًا كاملًا لواردات النفط والوقود النووي الروسيين، اللذين لا تزال بعض الدول الأوروبية تعتمد عليهما.
تجميد الأصول… مسار ضغط متواصل
الخطوة الطاقية تأتي استكمالًا لسلسلة إجراءات تصعيدية، كان آخرها موافقة الاتحاد الأوروبي على تجميد أصول البنك المركزي الروسي المودعة في أوروبا. الإجراء ينص على تجميد نحو 210 مليارات يورو من الأصول السيادية الروسية طالما اقتضت الحاجة، دون العودة كل ستة أشهر إلى تصويت جديد لتمديد التجميد.
ما بعد 2027… أوروبا تعيد رسم خريطتها الطاقية
بهذا القرار، لا يقطع الاتحاد الأوروبي مع مورد أساسي فقط، بل يعيد رسم خريطة أمنه الطاقي والسياسي. سنوات قليلة تفصل القارة العجوز عن مرحلة جديدة، عنوانها الاستقلال الطاقي… حتى وإن كان الطريق مليئًا بالتحديات والكلفة المرتفعة.


