للعام الثالث تواليًا… السودان في صدارة الطوارئ الإنسانية عالميًا

عاد السودان، مرة أخرى، إلى واجهة المشهد الإنساني العالمي، بعدما تصدّر للعام الثالث على التوالي قائمة «مراقبة الأزمات الإنسانية العالمية» الصادرة عن لجنة الإنقاذ الدولية، في تقرير نُشر اليوم الثلاثاء، ليؤكّد عمق الكارثة غير المسبوقة التي تعيشها البلاد منذ اندلاع الحرب.
مأساة مستمرّة بلا أفق قريب
وضع التقرير السودان في المرتبة الأولى ضمن قائمة تضمّ 20 دولة تُصنّف على أنّها الأكثر عرضة لاندلاع أزمات إنسانية جديدة أو لتفاقم أزمات قائمة، تليه الأراضي الفلسطينية في المرتبة الثانية، ثم جنوب السودان، وإثيوبيا، وهايتي.
وللمرّة الثالثة تواليًا، يرسّخ السودان موقعه كأكثر دول العالم هشاشة إنسانيًا، في ظلّ صراع دموي خلّف عشرات الآلاف من القتلى وشرّد الملايين، وسط انهيار شبه كامل لمقومات العيش.
«فشل عالمي» في التعامل مع الكارثة
الرئيس التنفيذي للجنة الإنقاذ الدولية، ديفيد ميليباند، شدّد على أنّ ما يحدث في السودان لا يمكن اعتباره مأساة عابرة أو أزمة ظرفية، بل هو – وفق تعبيره – نتيجة مباشرة لفشل عالمي في الاستجابة، بل ولممارسات دولية ساهمت في تعميق الأزمة وإطالة أمدها.
وأضاف ميليباند أنّ السودان بات يُصنّف اليوم كأكبر أزمة إنسانية مسجّلة على الإطلاق، وهو ما يكشف، بحسب التقرير، خللًا عميقًا في منظومة الاستجابة الإنسانية الدولية.
12 مليون نازح… والموارد تنفد
ووفق معطيات التقرير، تجاوز عدد النازحين بسبب الحرب الدائرة في السودان 12 مليون شخص، في وقت يواجه فيه العاملون في المجال الإنساني نقصًا حادًا في الموارد، وصعوبات ميدانية جسيمة.
كما وثّق التقرير شهادات صادمة عن تعرّض الفارّين من مناطق القتال إلى السرقة والعنف، وفقدان أفراد من عائلاتهم، إضافة إلى تسجيل حالات اغتصاب، ما يزيد من قتامة المشهد الإنساني.
5 دول… 89% من المحتاجين للمساعدة
وأشار التقرير إلى مفارقة لافتة، إذ لا تمثّل الدول الخمس الأولى في القائمة – السودان، الأراضي الفلسطينية، جنوب السودان، إثيوبيا وهايتي – سوى 12% من سكان العالم، لكنها تحتضن في المقابل 89% من إجمالي الأشخاص المحتاجين إلى مساعدات إنسانية.
وتوقّعت لجنة الإنقاذ الدولية أن تضمّ هذه الدول أكثر من نصف سكان العالم الذين سيعيشون في فقر مدقع بحلول عام 2029، إذا استمرّ الوضع على ما هو عليه.
حرب منذ أفريل 2023… وأزمة بلا نهاية
وتعود جذور الكارثة السودانية إلى الحرب المتواصلة بين الجيش السوداني وقوات الدعم السريع منذ أفريل 2023، والتي وصفتها الأمم المتحدة مرارًا بأنها «أسوأ أزمة إنسانية في العالم».
قائمة أزمات تتّسع
إلى جانب الدول الخمس الأولى، شملت قائمة «مراقبة الأزمات الإنسانية العالمية» دولًا أخرى تعيش أوضاعًا شديدة التعقيد، من بينها ميانمار، وجمهورية الكونغو الديمقراطية، ومالي، وبوركينا فاسو، ولبنان، وأفغانستان، والكاميرون، وتشاد، وكولومبيا، والنيجر، ونيجيريا، والصومال، وسوريا، وأوكرانيا، واليمن.
مشهد عالمي قاتم يعكس تصاعدًا مقلقًا للأزمات الإنسانية، مقابل تراجع واضح في قدرة المجتمع الدولي على الاحتواء والاستجابة… والسودان يبقى، للأسف، العنوان الأبرز لهذه المأساة المفتوحة.




